يا طالب العز والمال : اعلم أن المال الذي أرسله الله إليك ، يوشك أن يذهب كما جاء ، بحكم المقادير .
وعندئذ تبقى عزتك نهباً للحاقدين والشامتين ، في العراء ، يتسابقون الى تمزيقها ثم إلى النيل منك .
أو لعلك ممن يتمتعون بمركز اجتماعي أو قيادي أو رئاسي ، فاتخذت من هذا العارض : تربة خصبة لتبسط فيه بين الناس عزتك وسموك .
فاعلم : أن الذي ساق إليك هذا المركز أو الرئاسة ، يوشك أن يسترده منك .
ولسوف يصبح الناس عندئذ من حولك ما بين مشفق وشامت ، وقد تكون رحمة المشفقين بك أقل إلاماً ، من قهقهة الشامتين عليك .
اعلم ان من غلب علي قلبه حب الجاه ، صار مقصور الهم على مراعاة الخلق مشغوفاً ً بالتردد إليهم رجاء المدح وخوفاً من الذم ، فذلك من المهلكات .
شبه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حب المال والشرف وإفساد هما ، بذئبين ضاريين أرسلا في زريبة غنم . فاذكر : أن الله قد أخرجك إلى الدنيا ، غافلاً لا تفهم جاهلاً لا تعلم ، وبعد حينٌ من الدهر . يصدق عليك عنئذٍ قول الله تعالى . ( وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ ۚ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ) . لمطالب العالية