( وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله فحاسبناها حساباً شديداً وعذبناها عذاباً نكراً ، فذاقت وبال أمرها ، وكان عاقبة أمرها خسراً ) .
(عتت) : العتو : تجاوز الحد في الاستكبار والعناد .
يقول العلامة بن عاشور في تفسير هذه الآيات : ـ
يذكر الله تعالى بما حل بأقوام من عقاب عظيم بسبب قلة اكتراثهم بأمر الله تعالى ورسله ، لئلا يسلكوا نفس المسلك في التهاون بإقامة الشريعة ، فيلقي بهم في مهاوي الهلاك .
وكلمة : ( كأين ) : اسم لعدد كبير منهم .
والمقصود : من إفادة التكثير هنا تحقيق أن العذاب الذي نال أهل تلك القرى ، جزاءً على عتوهم وإعراضهم عن أوامر الله تعالى .
ومن الغفلة والسذاجة : أن يُتصور أو يتوهم متوهم أن ذلك مصادفة ، وأمر عارض في التاريخ القديم ، وأنها غير مطردة ، في الأمم اللاحقة إلى قيام الساعة .
والحساب يقصد به في الدنيا ، ولذلك جاء : ( حاسبناها ) ( عذبناها ) بصيغة الماضي ولك أن تجعله في الآخرة . وشبه الله تعالى عاقبتهم بخسارة التاجر في بيعه ، وذلك لأنهم عاندوا الرسل وتوهموا أنهم كسبوا الإنتصار عليهم ، فما لبثوا أن صاروا بمذلة وأسى على تفريطهم .