إن سيرة رسول ـ الله صلى الله عليه وسلم ـ : تحكي سيرة انسان أكرمه الله تعالى بالرسالة ، فلم تخرجه من انسانيته ، ولم تلحق حياته بالأساطير، ولم تضف عليه الألوهية قليلاً ولا كثيراً ، وإذا قارنا هذا بما يرويه المسيحيون عن سيرة عيسى عليه السلام ، وما يرويه البوذيون عن بوذا ، والوثنيون عن آلهتهم المعبودة يتضح لنا الفرق .
عيسى عليه السلام يمثل الداعية الزاهد الذي غادر الدنيا وهو لا يملك مالاً ولا داراً ولا متاعاً ، ولكنه في سيرته الموجودة بين أيدي المسيحيين ، لا يمثل القائد المحارب ، ولا رئيس دولة ، ولا الأب ، ولا الزوج ـ لأنه لم يتزوج ـ ولا مشروع ولا غير مما تمثله سيرة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
وقيل مثل ذلك في بوذا ، وأرسطوا ، وأفلاطون ، ونابليون ، وغيرهم من عظماء التاريخ ، فإنهم لا يصلحون للقدوة إلا ناحية واحدة من نواحي الحياة برزوا فيها واشتهروا بها .
والإنسان الوحيد في التاريخ الذي يصح أن يكون قدوة لجميع الفئات وجميع ذوي المواهب وجميع الناس هو محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فسيرة رسول الله صلى الله عليه ةسلم وحدها تعطينا الدليل الذي لا ريب فيه على صدق رسالته ونبوته إنها سيرة إنسان كامل ، سار بدعوته من نصر إلى نصر .
لا على طريق الخوارق والمعجزات ، فقد دعى وبلّغ فأصبح له الأنصار ، وكان حكيماً موفقاً في قيادته ، فما أزفت ساعة وفاته إلا كانت دعوته تلف الجزيرة العربية كلها ، عن طريق الإيمان ، لا عن طرق القهر والغلبة .