إذا أقر القلب اقراراً تاماً بأن محمداً رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأحبه لذلك محبة تامة ، امتنع مع ذلك : ألا يتكلم بالشهادتين مع قدرته على ذلك ، خذ مثالاً : ـ
عمه ابو طالب :
كان عالماً بأن محمداً رسول الله ، وهو محباً له ، ولم تكن محبته له كمحبته لله ، بل كان يحبه لأنه ابن أخيه فحبه له كانت للقرابة ، وإذا أحبه لظهور مكانته في قريش ، فهي محبة سيناله منها الشرف والرئاسة ، فأصل محبوبه هو الرئاسة والرفعة له ،
ولهذا : لم يقبل الله تعالى ما فعله من الوقوف إلى جانب الرسول ونصرته ومؤازرته لأنه لم يقم بذلك لله تعالى ونصرة لدينه ، والله تعالى لا يقبل من العمل إلا ما أريد وجه تعالى .
قيل : القلب فقير بالذات إلى الله ، من وجهين من جهة العبادة وهي علة وجوده ومن جهة الإستعانه والتوكل . فالقلب لايصلح ولا يفلح ولا يتلذذ ولا يُسر ولا يطيب ولا يسكن ولا يطمئن إلا بعبادة ربه .
ولو حصل له كل ما يتلذذ به من المخلوقات لم يطمئن ولم يسكن ، إذ فيه فقر ذاتي إلى ربه وهذا لا يتحقق له الا بإعانة الله له ولا يقدر على تحصيل ذلك له إلا الله تعالى فهو دائماً مفتقر الى : ( إياك نعبد وإياك نستعين ) .