آخر الاسبوع – ٢٠ المعيشة النكدة : – المجتمع الذي يستحق أن يوصف بالرقي في ميزان الله تعالى : هو المجتمع الذي يقيم حياته وفق منهج الله تبارك وتعالى ، وإن كان غير متقدم في الحضارة المادية . ( قلنا اهبطوا منها جميعاً فإما يأتينكم مني هدىً فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) المقصود : أن البشرية التي أعرضت عن التشريع الإلهي ، قد أجهدت نفسها طوال تاريخها في إحداث قوانين وأنظمة وضعية ، خارجة عن مصدر التشريع الإلهي لغرض إدارة حركة الحياة ، وأخضعت هذه القوانين للتجارب . ثم لا تدوم طويلاً في مجال التجربة والتطبيق حتى يظهر عوارها ، ويكتشفوا قصورهم في الإلمام بمعرفة طبيعة الإنسان ، فلا يلبثوا في التعديل وإعادة النظر ، ثم التعديل وهكذا . هذا الخلل في التقنين البشري ناتج من أنه من صنع الإنسان لأنه صاحب هوى ومزاج ولم تكتمل معرفته بحقائق ذاته الروحية ، وملكاته الداخلية ، وهو دائم التغيّر والتأثّر في كلّ آن ، بالعواطف والنزعات الإنسانية والعوامل الخارجية . قال الله تعالى : ( قلنا اهبطوا منها جميعاً فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) هذا كلام رب العالمين تبارك وتعالى : وإن الإعراض عن دين الله وتشريعه ، ينتج عنه المعيشة النكدة المنغّصة . والسياق الكريم لم ينف عن الإنسان المعيشة وإن كانت مرفهة ؛ وإن كانت لديه كلّ الإمكانيات المادية ؛ ولكنه مع ذلك يعيش حياة الشقاء من جراء شروده عن مولاه . ( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ) فهو شقي من الداخل ، ملكاته مضطربة ، وروحه غريبة في جسده ، لبعدها عن هدي الخالق ؛ فالقلق والاضطراب والتوتر النفسي امراض ملازمة له . ( من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ) فالقوانين التشريعية والأخلاقية في الإسلام. هي من صنع الله تعالى الذي خلق الخلق فهوأعلم بمصالحهم ، إن الحرام في الإسلام يظل حراماً إلى الأبد وكذلك الحلال يستمر حلالاً إلى يوم القيامة هذه ثوابت قطعية غير قابلة للإجتهاد . ( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) ( ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار) ابو نادر .