محبوب الإنسان : إما حب نفسه أو حب غيره ، فأما حب نفسه فهو يريد دوام بقائها سالمة من الآفات . وأما محبة غيرها ، فإنما هو بسبب تحصيل نفع على وجوه مختلفة .
فإذا تأملنا المنافع التي تحققت من جهة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ علمنا أن نفعه أعظم من جميع وجوه الأنتفاعات ، فاستحق لذلك أن يكون حظ الإنسان من محبته أوفر من غيرها .
ونحبه لأن النفع الذي يثير المحبة حاصل منه أكثر من غيره ، والناس يتفاوتون في محبته بحسب استحضار ذلك والغفلة عنه .
ولا شك أن حظ الصحابة رضي الله عنهم من حبه وإعزازه أعظم ، لأن هذا ثمرة المعرفة ، وهم بها أعلم ، وقال القرطبي: كل من آمن بالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إيماناً صحيحاً ، لا يخلوا عن وجدان هذه المحبة ، غير أنهم متفاوتون .
فمنهم من أخذ من تلك المحبة المرتبة بالحظ الأوفى ، ومنهم من أخذ منها بالحظ الأدنى ، كمن كان مستغرقاً في الشهوات ، محجوباً في الغفلات في أكثر الأوقات وفي الجملة : إذا ذكر النبي أشتاقوا إلى رؤيته ، حيث يقدمونها على الأهل ولولد والمال ، ويقدموا نفسهم في الأمور الخطيرة دفاعاً عنه .
ورد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال للنبي : لأنت يارسول الله أحب الي من كل شيء إلا من نفسي . فقال له : ( لا والذي نفسي بيده ، حتى أكون أحب إليك من نفسك ) : فقال : فإنك الآن والله أحب إلي من نفسي فقال له : ( الآن ياعمر ) .