بينما كنتُ : أنظر إلى الألوف المؤلفة ، وهم في أعلى قمة جبل الرحمة ، أرى فيهم الملايين ممن حجوا وصعدوا هذا ، الجبل عبر القرون .
أرى فيهم : جميع الأنبياء الذي حجوا ووقفوا هنا “كما في بعض الأقوال.
أرى فيهم : أبي وأمي ، كانوا هنا منذ سنوات في مثل هذا الزحام ، ومن قبلهم جدي وجدتي الذين جاءا إلى هنا على ظهور الإبل أو حافي الأقدام .
ثم أجداد الأجداد ومن قبلهم ، إلى النبي صلى الله عليه وسلم الذي خرج من مكة مهاجراً وعاد إليها فاتحاً .
وغبت عن نفسي ، وامتلأت إدراكاً : بأنه لا أحد باق إلا الله تبارك وتعالى أما جميع المخلوقات فالكل راحل .
وغداً أموت ويطوف ابني ومن بعده ابنه وابن ابنه .
وقد يسأل سائل : لماذا نتكبد المشاق لنذهب إلى الحج ؟ ! ولماذا هذه الرحلة المضنية والله معنا ، بل أقرب إلينا من حبل الوريد ؟ !
وهو القائل : ( فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان ) ، فما الداعي إلى السفر لنقف على جبل عرفات ، في درجة حرارة فوق الأربعين درجة ؟
في ظروف مناخية قاسية : لا شلالات ، ولا أنهار ، ولا غابات .
ندعوه من هناك ، وهو القريب منا هنا : إن هذا الحج استجابة لنداء إبراهيم الخليل عليه السلام : ( وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ) .
( وفي الأثر : يقول النبي عليه الصلاة والسلام عن هذا اليوم : ( نعم اليوم يوم عرفة لأن أهل الأرض يعرفهم أهل السماء ) .