تروي كتب السير : أنه وقف بباب الخليفة الثاني عمر بن الخطاب : سهيل بن عمر بن الحارث بن هشام ، وأبو سفيان بن حرب ، وجماعة من كبراء قريش ، من الذين أسلموا حديثاً .
يريدون جميعاً الدخول على الخليفة عمر : فيأذن قبلهم لصهيب الرومي ، وبلال .
لأنهما كانا من السابقين إلى الإسلام ، ومن أهل بدر، فتورم أنف أبي سفيان ، ويقول بانفعال الجاهلية :
(لم أر كاليوم قط يأذن لهؤلاء العبيد ، ويترك كبار زعماء قريش على بابه ) !
فيقول صاحبه وقد استقرت في حسه حقيقة الإسلام : ( أيها ، القوم ، إني والله أرى الذي في وجوهكم .
إن كنتم غضّاباً ، فاغضبوا على أنفسكم .
دعٌي القوم إلى الإسلام ودُعيتم ، فأسرعوا في الإجابة ، وأبطأتم ، فكيف بكم إذا دُعوا يوم القيامة وتُركتم ؟
الدهاء والفطنة : –
———————
تأمل الفطنة لدى عمر هذا العبقري الملهم : –
قدم من قدمه الله ، وأخر من أخره الله ، فهو يرى علو مقام هؤلاء العبيد في ميزان ، الله ، بعد أن بادروا في الدخول في دين الله .
تأمل هذه الآية :-
( إذا وقعت الواقعة ليس لوقعتها كاذبة ، خافضة رافعة . )
تخفض من كان مقامه في الدنيا :
مثل زعامات قريش .
ويرفع من شأن ما يسمونهم السوقة ، الحفاة العراة ، العبيد بإسلامهم .
وكان عمر في سابق زمانة من أكابر القوم قبل اسلامه بالمال والقوة والبطش .
ولكن انظر كيف أصبح ميزان التفاضل لديه بعد إسلامه : لم يكن بالمال والوجاهة والرئاسة .