تحدث أحد علماء السيرة ، عن قصة تحريم شراب العسل في قضية مارية القبطية أم ولده إبراهيم ، فيقول : أختار الله تعالى ، الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ لتتمثل فيه العقيدة بكل خصائصها ، ليكون هو بذاته ، وبحياته : الترجمة الكاملة لطبيعة هذه الرسالة ، وهذا المنهج .
إنه ليس له في نفسه شئ خاص ، فهو لهذه الدعوة كله ، فعلام يختبي جانب من حياته ؟ : فصورة التحريم تعرض في صدرها صفحة من حياته البيتية ، وصورة من الإنفعالات والاستجابات الإنسانية بين بعض نسائه وبعض ، وبينهن وبينه .
إن الأحداث التي وقعت بينه وبين زوجتيه ، عائشة وحفصة ، وقصة العسل وقصة مارية في بيت حفصة ، كلها من أعظم أسرار البيوت في عرفنا ، لا يجرؤ أحدنا ، أن يبيح بها ، أو يسمح لزوجاته كشفها لأحد .
ولكن الله تعالى : كشف هذه هذه الأحداث في هذه السورة ليظهر الطبيعة البشرية ، وسلوكيات النساء ، وعظمة موقفه ، لقد ملك نفسه ، ولم تملكه ، وكان كبير العقل تصرف إزاء أزواجه بخلق رفيع ، لا يُكاد يعبر عنه .
تأمل هذه العظمة في هذا السياق القرآني : ( عرف بعضه وأعرض عن بعض ) .
وهذه مقولة رب العالمين ، كأننا نلمح : إشارة واضحة إلى محبة الله ، لهذا الخلق العظيم ، في رسوله : فهو لم يعنف ولم يستطرد في الحديث معها .
المقتضى الإيماني :ـ
فلنحرص أن يكون كلامنا ، ومواقفنا من الأحداث التي نحن طرف فيها : نتجنب التشفي ، والإبتعاد عن صيغة الكلام الذي قد يثير مشاعر الطرف الآخر ويؤذي نفسه ، لكي يبقى خيط المود ممدوداً ، ليحسن لنا سهولة الرجعة ونحتفظ بالمودة .