الحج عبودية لله عز وجل ،عبودية لخالق السماوات والأرض رب العالمين ، إن عبودية الإنسان لله تقتضي ، أن يبتعد عن التعالي على أخيه الإنسان ، ففي المسجد من يسارع ليجلس في الصف الأول ، ومن يأتي متأخراً يجلس في الصف الأخير، إن هذه المساواة في العبودية لله عز وجل ، تخرج الإنسان عن التعالي ، وتجعله يتواضع .
بهذا يشعر جميع المؤمنين أنهم يقفون أمام إلهٍ واحد ، لا ينظر إلى صورهم ، وهيئاتهم ، وإنما ينظر إلى قلوبهم وأعمالهم ، هذا في بيئة المسجد .
الحج أدب رفيع مع عناصر الكون كلها ، فمن لوازم العبودية لله في الحج أن الله تعالى ألزم الحاج بالتأدب مع كل أجناس الكون ، مع الجماد في تقبيل الحجر الأسود ، والنبات في النهي عن قطعه ، ومع الحيوان في تحريم صيده ، ومع الإنسان في حرمة التشاجر معه ومجادلته .
وفي بيت الله الحرام ، آيات بينات ، مقام إبراهيم ، أي أن هناك آيات كثرة في مقام إبراهيم ، من هذه الآيات : أن إبراهيم كان أمة وحده ، فقد أجتمعت فيه من خصال الخير ما لا تجتمع في أمة .
ومن هذه الآيات البينات ، في مقام إبراهيم ، أن سيدنا إبراهيم جاء بزوجته هاجر وابنه إسماعيل في موقع الكعبة ، الذي لا زرع فيه ولا ماء ، في هذا المكان ولا وسائل الحياة ، ثم قفل راجعاً ، فقالت له هاجر : يا إبراهيم لمن تتركنا ، فلم يجب ، قالت آلله أمرك بهذا ؟ فأشار إليها أن نعم ، قالت : إذاً لن يضيعنا
هذه قضية إيمانية كبرى : أن العاقبة للمؤمن ، وأن الدنيا تأتي وهي راغمة : فمن أصبح وأكبر همه الدنيا جعل الله فقره بين عينيه ، وشتت عليه شمله ، ومن لم يؤته من الدنيا إلا ما قدر له ، وأصبح أكبرهمه الآخرة ، جعل الله غناه في قلبه وجمع عليه شمله وأتته الدنيا وهي راغمة .