عندما قال عبد الله بن سلول ، مقالته الشهيرة ، في أثناء عودته من غزوة بني المصطلق : ( أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ) أراد بالأعز نفسه ، والأذل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ والمهاجرين كلمة كبيرة وخطيرة انطلق بها لسان ، هذا المنافق الكبير.
فلما قفلوا راجعين إلى المدينة ، وقف ابنه عبد الله بن عبد الله بن سلول ، على باب مخل المدينة ، واستل سيفه ، فجعل الناس يمرون عليه ، فلما جاء ابوه قال له ابنه وراءك . فقال له والده : مالك ؟ ويلك !.
فقال : والله لا تجوز من هنا ، حتى يأذن لك رسول الله ، فإنه هو العزيز وأنت الذليل ، فلما جاء الرسول وكان في مؤخرة الجيش ، شكا إليه ابنه ، فقال ابنه عبدالله والله لا يدخلها حتى تأذن له ، فأذن له رسول الله ، فقال : أما وقد اذن لك رسول الله فجز الآن .
كيف يمكننا التعليق على هذه الحادثة ، التي تعكس عمق العقيده التي تشربها ذلك الجيل الفريد ، من المعلم والمربي الأكبر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ولقد طلب من رسول الله فيما بعد أن يكون هو الذي يتولى قتل أبيه ان كان الرسول قد عزم على قتله . ولكن الرسول قال له : نترفق به ، ونحسن صحبته ، ما بقي معنا .
هذا التسامح من هذا القائد الأعظم ، ومثل هذه المواقف التربوية ، ينبغي أن تعلن وتنشر لكي يدرك خصوم الإسلام ، جوانب العظمة ، وهذه القيم الأخلاقية الخالدة .