لا تحمل اثقالاً على ظهرك ، واذكر ان مآلك بعد طول المعاناة بحملها أن تضعها أرضاً وترحل إلى الله ، حاملاً تبعاتها ، لا أنت بها في دنياك تمتعت ، ولا من أثقالها وأكدارها تخلصت !..
استأجر رجل داراً إلى عشرة أعوام ، ويملك بجوارها خربة تحتاج إلى ترميم ، فبذل هذا الرجل كل اهتمامه بهذا المنزل المستأجر : من التأثيث والتزيين ، فحبس كل اهتمامه ، في حاضر تلك السنوات العشر .
وركن إلى الدار المستأجرة ناسياً إصلاح تلك الخربة ويتمم نقصها ويوفر لها الفرش والأثاث وأنه سيغادرها بعد حين ، عند انتهاء عقد الإجار ، ومضت السنوات العشر ساهياً لاهياً ، ناسياً المستقبل الذي هو آيل إليه .
ولم يوقظه إلا شبح مالك الدار مقبلاً ، يطلب منه إخلاء المنزل والمغادرة بعد انتهاء مدة الإيجار ، هنالك استيقظ من غفلته ، إلى المستقبل الذي هجم عليه هجوم الصاعقة دونما ، تذكر داره التي أهملها .
ألم يكن أولى بهذا الرجل أن يجعل من سنوات مكثه في الدار المستأجرة ، فرصة ينفقها لإصلاح داره التي سينتقل إليها ، ويشد آماله خلال تلك الفترة ، لإتمام الناقص وتهيئة مستقره الذي هو راحل إليه
تلك هي قصة رحلة الإنسان في فجاج هذه الحياة ، رحلة من مستودع الدنيا إلى المستقر النهائي في الدار الآخرة ، فانظر أي الرجلين تكون ، وما أظن أن في الناس عاقلاً يختار أن يكون في مثل حمق الرجل الأول ، يلهو بحاضره لتحرقه الندامة عند مغادرته هذه الدنيا .