كثيراً ما يتكرر في القرآن ذكر الإنابة والأمر بها ، كقوله تعالى : ( وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له ) .
والإنابة كما قال أهل العلم : هي الرجوع إلى الله تعالى ، وانصراف دواعي القلب ، وجواذبه إليه وهي تتضمن المحبة والخشية ، فإن المنيب محب لمن أناب إليه ، خاضع له ، خاشع ذليل ، والناس في إنابتهم على درجات متفاوته ، فمنهم المنيب إلى الله والرجوع إليه من المخالفات والمعاصي ، هذه الإنابة مصدرها مطالعة الوعيد ، والحامل عليها العلم والخشية والحذر .
ومنهم المنيب إليه بالدخول في انواع العبادات والقربات ، وقد حُبب إليه فعل الطاعات وانواع القربات ، وهذه الإنابة مصدرها الرجاء ومطالعة الوعد والثواب ومحبة الكرامة من الله تعالى . وهؤلاء أبسط نفوساً من أهل القسم الأول وأشرح صدراً .
ومنهم المنيب إلى الله بالتضرع والدعاء ، والافتقار إليه ، والرغبة وسؤال الحاجات كلها منه تعالى . ومصدر هذه شهود المنة والفضل فأنزلوا به حوايجهم وخصوصاً عند الشدائد والضراء فقط ، فهي إنابة اضطرار لا إنابة اختيار مثل : ( فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين ) .
فأعلى انواع الإنابات إنابة الروح بجملتها إليه لشدة المحبة الخالصة ، يتبعها جميع انواع القوى والجوارح .