آخر الأسبوع – ٢٢ الركن الرابع : – المكاسب : الصيام عبادة فرضها الله على من كان قبلنا ، ولكنهم زودوا ونقصوا وبدلوا فكانت في البداية ثلاثون يوماً فارتكبوا مخالفات فعاقبوا أنفسهم فرفعوها إلى أربعين والى خمسين ، ونقلوا توقيتها من الصيف إلى الربيع وهكذا . الصيام تزكية روحية في المساء بالتراويح بقيام الليل وتربية بدنية للجوارح في النهار . لقد فرض الله تبارك وتعالى علينا الصيام ، فنحن عبيد نتلقى الأوامر ونمتثل ونتبع . وينبغي أن نعيش في قمة السمو في هذا الجو الإيماني في بيوتنا وطرقاتنا وأعمالنا ومع من حولنا ، فالصيام في القلب قبل الجوارح فهو عبادة قلبية وبدنية . يقول أهل العلم : – إذا حضر رمضان فانبسطوا فيه بالنفقة ، فهي مضاعفة كالنفقة في سبيل الله ، ركعة فيه خير من ألف ركعة وتسبيحة فيه خير من الف تسبيحة فيما سواه . وقالوا : الصيام سر بين العبد وربه لا يطلع عليه غيره ، لأنه مركب من نية باطنة وترك الشهوات التي لا يطلع عليها إلا الله . وفيه قطع العلائق عن الخلائق في الاعتكاف للتفرغ لعبادة الخالق جل وعلا ، وكلما قويت المعرفة بالله والمحبة له والأنس به ، أورثت صاحبها الانقطاع إليه تعالى بالكلية . كان بعضهم لا يزال منفرداً في بيته خالياً بربه ، فقيل له : أما تستوحش ؟ قال : كيف استوحش وهوا يقول : ( أنا جليس من ذكرني ( . أما ليلة القدر : فقيل أن رسول الله أُري أعمار الناس قبله ، فكأنه تقاصر أعمار أمته أن لا يبلغوا من العمل الذي بلغه غيرهم في طول العمر ؛ فأعطاه الله ليلة القدر ، خيراً من ألف شهر أكثر من ثمانين سنة عبادة . قالت عائشة رضي الله عنها للنبي : أرأيت إن وافقت ليلة القدر ما أقول فيها ؟ قال : قولي : ( اللهم انك عفو تحب العفو فاعف عني ) . وروى بن عباس أن الله تعالى ينظر ليلة القدر إلى المؤمنين من أمة محمد : فيعفو عنهم ويرحمهم إلا أربعة : مدمن خمر وعاقاً ومشاحناً وقاطع رحم . قال بعض السلف : كنا ندعوا الله ستة أشهر أن يبلغنا رمضان ، ثم ندعو الله ستة أشهر أخرى أن يتقبله منا . المقصود : أن الصوم له تأثير في حفظ الجوارح الظاهرة ، والقوى الباطنة ، فهو من أكبر العون على التقوى . كما قال الله تعالى : ( ياأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) . المطالب العالية