قال أهل العلم : تفضيلها بالخير على الف شهر : إنما هو بتضعيف فضل ما يحصل فيها من الأعمال الصالحة ، واستجابة الدعاء ، ووفرة ثواب الصدقات والبركة فيها للأمة ، لأن تفاضل الأيام لا يكون بمقادير أزمنتها ، ولا بما يحدث فيها من برد أو حر أو مطر ، ولا بطولها ولا بقصرها ، فإن تلك الأحوال غير معتد بها عند الله تعالى ولكن الله يعبأ بما يحصل بما يحصل من الصلاح للناس أفراداً وجماعات .
وقال في فضل الناس : ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) فكذلك فضل الأزمان إنما يقاس بما يحصل فيها لأنها ظروف للأعمال ، وليس لها صفات ذاتية يمكن أن تتفاضل بها كتفاضل الناس ، ففضلها بما أعد الله تعالى فيها من التفضيل .
كتفضيل ثلث الليل الأخير وعدد (الألف) يظهر أنه مستعمل في وفرة التكثير ، وفي (الموطأ) ، قال مالك : أنه سمع من يثق به من أهل العلم يقول : إن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أُري أعمار الناس قبله أو ما شاء الله من ذلك ، فكأنه تقاصر أعمار أمته أن لا يبلغوا من العمل مثل ما بلغ غيرهم في طول العمر ، فأعطاه الله تعالى ( ليلة القدر خير من ألف شهر ) .