عن أبي هريرة قال : قال أبو جهل : هل يعفر محمد وجهه ، أي (يسجد في الصلاة) بين أظهركم ؟ . فقيل : نعم ، فقال : واللات والعزى لئن رأيته يفعل ذلك لأطأن على رقبته .
فأتى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو يصلي ، ففاجأهم وهو ينكص على عقبيه ويتقي بيده . فقيل له مالك ياأبا الحكم ؟ قال : إن بيني وبينه لخندقاً من نار وهولاً وأجنحةً .
فقال رسول الله : ( لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضواً عضواً) . فأنزل الله تعالى : ( إن الإنسان ليطغى ) .
وعلة هذا الخلق ، أن المستغني تحدثه نفسه : أنه غير محتاج إلى غيره وأن غيره محتاج إليه ، فيرى نفسه أنه أعظم من أهل الحاجة ، ولا زال ذلك التوهم يربو في نفسه ، حتى يصير خُلُقاً ، حيث لا وازع يزعه ، من دين أو تفكيرصحيح .
فيطغى على الناس لشعوره بأنه لا يخاف بأسهم ، لأن له ما يدفع الاعتداء عنه ، من جاه ومنصب وأعوان أو ينتمي إلى الأسرة الحاكمة .
وهذا الاستغناء غير حقيقي ، لأنه مخلوق ، مفتقر إلى الله في جميع أموره ، ولا يدري ما يصيِّره إليه ربه من العواقب ، فمعظم الطغاة ، ينسون أنهم تحت قبضة خالقهم ، وهم ضعفاء ومفتقرون إليه في كل أمور حياتهم . انظر ما حل بقارون عندما تعالى على ربه .