وصف بعض كتاب السيرة الشخصية للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتعامله مع من حوله فقالوا : لقد كن جمّ التواضع وافر الأدب ، يبدأ الناس بالسلام ، وينصرف بكله إلى محدثه صغيراً كان أو كبيراً ، يكون آخر من يسحب يده إذا صافح .
وإذا تصدق وضع الصدقة في يد المسكين ، وإذا جلس جلس حيث ينتهي به المجلس ولم يُرَ ماداً رجليه قط ، وكان يذهب إلى السوق و يحمل بضاعته ن ويقول : أنا أولى بحملها .
وكان يجيب دعوة الحر والعبد والمسكين ، ويقبل عذر المعتذر ، وكان يخصف نعله ويخدم نفسه ، ويعقل بعيره ، ويكنس داره ، وكان في مهنة أهله ، وكان يأكل مع الخادم ، ويقضي حاجة الضعيف والبائس ، ويمشي هوناً خافض الطرف ، متواصل الأحزان ، دائم الفكر ، لاينطق من غير حاجة .
وكان طويل السكوت ، إذا تكلم تكلم بجوامع الكلم ، يعظم النعم وإن دقت ، ولا يذم مذاق الطعام ولا يمدحه ، ولا يغضبه شيئاً من الدنيا ، ولايغضب لنفسه إذا أوذي ولا ينتصر لها ، بل كان مسامحاً .
ولا يحسب الجليس أن أحداً أكرم عليه منه ، من سأله حاجة لا يرده إلا بها ، كان دائم البشر ، سهل الخلق ، لين الجانب ، ليس بفظٍ ولاغليظ ، ولا عيّاب ، ولا مدّاح ، يتغافل عما لا يشتهي .
لا يذم أحداً ولا يعيره ، ولا يتكلم فيما لايرجو ثوابه ، ويضحك مما يضحك من أصحابه ، ويصبر على جفوة الغريب ، لايقطع على أحداً حديثه حتي ينتهي .
ذلك هو : محمد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أعظم شخصية في تاريخ البشرية أختاره الله تعالى ، وحسّن خلقه وطلب من أتباعه أن يتأسوا به ، ويكون لهم نموذجاً لكل القيم الأخلاقية ، : ( وإنك لعلى خلق عظيم ) [ القلم : 4 ].
الحديث عن شمائله ـ صلى الله عليه وسلم يطول ، تلك إنسانية محمد نقدمها للأجيال الحاضرة ، والقادمة . يكفيك أن الله يحب مكارم الأخلاق ، فابحث عنها وتخلق بها : يحبك الله جل جلاله وعز سلطانه ، ذلك هو المقام الرفيع .