( وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور ) ، ثم قرر علمه بقوله : (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ) .
وهذا من أبلغ التقرير ، فإن الخالق تبارك وتعالى :
لا بد أن يعلم مخلوقه ، وإذا كنتم مقرين بإنه خالقكم وخالق ما في
صدوركم ، وما تضمنته الصدور من أجهزة، فكيف تخفى عليه وهي خلقه .
ثم ختم الحجة بإسمين عظيمين : وهما اللطيف الذي لَطَف صنعه وحكمته ، ودق حتى عجزت عنه الأفهام .
والخبير : الذي انتهى علمه إلى الإحاطة ببواطن الأشياء فكيف يخفى على اللطيف الخبير ، ما تخفيه الضمائر وتجنّه الصدور .
وذات الصدور كلمة لما يشتمل عليه الصدر من : الإعتقادات والإرادات والحب والبغض .
وهذه رقابة صارمة ما بعدها رقابة ، وهيمنة مطلقة على كيان الإنسان ، والغفلة كل الغفلة لمن يجهل هذا الهول المطبق عليه ، وهو كالسائمة لا يدري ما يُحاط به .