لربما هناك سائل يسأل لماذا اختار الله تعالى اللسان العربي ليكون وعاءً ومظهراً لوحيه ؟
وإذا ما علمنا أن القرآن ليس مقصوده العرب خاصة ، وإنما هو رسالة عالمية موجهة لكافة البشر في كل قارات الأرض .
فإذا كان الأمر كذلك ، وهو كذلك ، فلربما سائل يسأل فالله يعلم أزلاً أن الكثافة السكانية ، ليست مرتكزة في جزيرة العرب ، سواء ذلك عند نزول الوحي وبعده ؟ .
فهناك الدول ذات الكثافة السكانية الهائلة ، في آسيا وأوربا وأمريكا ، فما هي الحكمة في عدم نزول القرآن في تلك البقاع ، لضمان الإستجابة ، والإنتشار ؟ .
يقول الإمام بن عاشور في هذا السياق :-
وقد اختار الله تعالى أن يكون اللسان العربي مظهراً لوحيه ، ومستودعاً لمراده ، وأن يكون العرب هم المؤتمنون لتحمل تبعات هذا الإختيار ، والمتلقين أولا لشرعه وإبلاغ مراده لحكمة يعلمها .
كون لسانهم أفصح الألسن ، وأسهلها انتشاراً ، وأكثرها تحملاً للمعاني ، مع إجازة لفظه ، ولتكن الأمة المتلقية للتشريع ، والناشرة له أمة قد سلمت من أفن الرأي عند المجادلة .
فيجب أن يُعلم قطعاً أنه ليس المراد من خطاب العرب بالقرآن أن يكون التشريع قاصراً عليهم ، أو مراعياً لخاصة أحوالهم ، بل عموم الشريعة ودوامها وكون القرآن معجزة دائمة مستمرة على تعاقب السنين ينافي ذلك .