قال أهل العلم : إذا أصبح العبد وأمسى وليس همه إلا الله وحده ، تحمل الله سبحانه وتعالى حوائجه كلها ، وحمل عنه كل ما أهمه ، وفرغ قلبه لمحبته ، ولسانه لذكره وجوارحه لطاعته .
وإن أصبح وأمسى والدنيا همه حمَّله الله همومها وأنكادها ، ووكّله إلى نفسه ، فشغل قلبه عن محبته بمحبة الخلق ، ولسانه عن ذكره بذكرهم ، وجوارحه عن طاعته بخدمتهم وأشغالهم .
فهو يكدح كدح الوحوش في خدمة غيره . فكل من أعرض عن عبودية الله وطاعته ومحبته بُلي بعبودية المخلوق ومحبته وخدمته .
قال الله تعالى : ( ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين ) .
من القراءت والمشاهدات في أمر الخلق ، يتبين أن هناك ثلاث مسارات لمن أراد : الشفاء والعافية ، وانشراح الصدر ، وراحة البال .
الأول : الصلة مع الله وعبوديته وطاعته واللجوء إليه ، وهي مسألة الإيمان الكبرى . الثانية : إغلاق ملف الماضي ، بمآسيه ، ودموعه ، وأحزانه ومصائبه وآلامه ، وهمومه ، والبدء بحياة جديدة تحت مظلة الدين .
الثالث : ترك بكره فهو يوم غائب ، وترك التوقعات والانتظارات والتوجسات والتحليلات ، وعش ، يومك ، ويومك فقط .
واعلم أن ما يصيبك من أكدار ومنغصات وعوائق في حياتك ، فأنت المتسبب فيها أنها من صنع يديك وحدك ، من سوء خياراتك ، وقراراتك الخاطئة ، لا تلوم زيد ولا عبيد ، أنهم فقط وسائط ، يوصلوا إليك أقدار الله التي قُدرت عليك بما قدمت يداك .