إسناد الإضلال إلى الله تبارك تعالى ، ليس معناه أنه أجبرهم على الضلال إجباراً، وصعب عليهم بقدرته طريق الهداية والهدى ، فكان ضلالهم اضطراراً لا ختياراً ، بل معناه أنهم مارسوا الكفر والضلال وأسرفوا فيه حتى وصلوا الى حد العمة في الطغيان ففقدوا بهذه الأعمال الاختياريه منابع الهدى والإيمان .
فهذا بيان لسبب ضلالهم الذي اكتسبوه بأعمالهم وباختيارهم لم يجبروا عليه هكذا قضت سنته تبارك وتعالى في نظام خلق الإنسان ، وارتباط المسببات بالأسباب ، فلا يمكنه ان يهتدي إلى سبل السلام ، دون ممارسة الأسباب ، من اتباع الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وتنفيذ شرعه ليحصل الاهتداء .
إذاً إضلال الله تعالى لهم مبني على اختيارهم الضلال ، بعد ماجاءتهم البينات وعرفوا الحق : ( فلما أزاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين ) قيل : زاغوا هم أولاً فأزاغ الله قلوبهم : لأن الله تبارك وتعالى لا يوفق لإصابة الحق القوم الذين اختاروا الكفر على الإيمان .