مسألة تأخير الآجال ، والزيادة في الأعمار ، والنقص منها ، هنا سؤال : كبير هل للإنسان أجل واحد أو أجلان ؟ هذه قضية ترتبط بأصلين : أصل العلم الإلهي بما سيكون ، وأصل تقدير الله تعالى للأسباب . ( إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) .
فأما ما في علم الله فلا يتغير قال الله تعالى : ( وما يعمر من معمر ولا ينقص منعمره إلا في كتاب ) أي : في علم الله تعالى ، والناس لا يطلعون على ما في علم الله تعالى ، وأما في وجود الأسباب كلها ، كأسباب الحياة ، وترتُب مسبباتها عليها ، فيتغير بإيجاد الله تعالى مغيرات لم تكن موجودة ، إكراماً لبعض عباده ، أو إهانة للبعض الآخر .
وفي الحديث : ( صدقة المسلم تزيد في العمر ) وهو : حديث حسن مقبول . وعن على عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( من سره أن يمد في عمره ، فليتق اللهوليصل رحمه) وسنده جيد . فأما آجال الأعمار المحدودة بالزمان أو بمقدار قوة الأعضاء وتناسب حركاتها قابلة للزيادة والنقص .
وآجال العقوبات الإلهية المحدودة بحصول الأعمال المعاقب عليها بوقت قصير أو فيه مُهلة ، غير قابلة للتأخير : وهي كما في قوله تعالى ( إن أجل الله إذا جاء لايؤخر) . وهذا واضح في قوم نوح حيث أجل عقابهم حتى فار التنور ، والإنتهاء من بناء السفينة .
وقال الله تعالى : ( يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ ۖ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ) .والله تعالى قد قطع آجال قوم نوح بسبب عصيانهم ، لأنهم لم يفعلوا ما دعاهم إليه نوح .
وقد استعصى فهم هذا على كثير من الناس ، فخلطوا بين ماهو مقرر في علم الله السابق وما أظهره ، قدر تعالى في الخارج الوجودي .
فإذا كان هذا في حق الأمم العاصية والمخالفة لمنهج الله تعالى ، فما بال الإنسان الفرد الذي يعوث في الأرض الفساد ، اليس هذا يمكن ان يعرضه إلى تعجيل أجله بسبب ما قدمته يداه ! سؤال ؟ .