آخر الاسبوع – 45 التلطف والملاينة : – نحن في حاجة إلى المداراة في حياتنا ، وإذا لم ندار فسوف ندفع الثمن من راحتنا ، وصحتنا ، وسلامتنا . لابد أن تداري صديقك لتدوم الصحبة ، وإلا هجرك ، وأن تداري أباك وإلا سخط عليك ، ولربما طردك من المنزل ، وحرمك من الميراث وتداري أمك وإلا جفتك ، وأن تداري زوجتك وإلا صدت عنك ودب الانشقاق في الأسرة وتصدع كيانها . حتى طفلك الصغير لابد أن تداريه ، وإلا تبرم منك ، وأعرض عنك . بل إن الحيوان من ثور وجمل وفرس ، لا بد أن تستخدم معها المدارات وإلا جمحت ونفرت منك ، والجمل في الصحراء إن لم تداريه سحقك تحت بطنه ، والكلب إذا لم تجاريه وتقدم له عظمة مزق جلدك . لماذا تلتمس لهم عذراً على كل هذه السقطات ؟ لتريح وتستريح ، لتسعد نفسك وغيرك ، لأنك بهذا التسامح ، سوف تنهي المشكلة من أصلها ، وإن لم تفعل فسوف تبقى حزيناً مكدراً ، مهموماً بائساً، تحاسب هذا وتقاضي هذا وترد على هذا وتنتقم من هذا. ما أحسن المداراة ، إنها فن المعايشة ، والأسلوب الحضاري للتعامل مع الأخرين من حولك ، فالحياة كلها تحتاج إلى مداراة ، ولن ينجح في الحياة إلا من يداري ولم يسعد إلا من تغاضى ، ولم يفلح إلا من تغابى ما أحسن النفس المتسامحة ، لأن صاحبها يعيش في أمان واطمئنان وسكينة ، قال الشاعر : – ليس الغبي بسيدٍ في قومهِ – لكن سيد قومهِ المتغابي . المطالب العالية Sz1sz.com