يقول أحد المحققين : الجنة طيبة لا يدخلها إلا الطيبون . ولهذا تقول لهم الملائكة : ( سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين ) والذين لم يكونوا طيبين ، وفيهم خبث المعاصي ، فلابد من التطهير، والتمحيص ، وهذا التمحيص يكون في دار الدنيا بأربعة أشياء : بالتوبة ، والاستغفار ، وعمل الحسنات الماحية ، والمصائب المكفرة.
وإن لم تفِ هذه الأربعة بتمحيصه وتخليصه ، فلم تكن التوبة نصوحاً ، ولم يكن الاستغفار كاملاً تاماً وهو : المصحوب بمفارقة الذنب والندم عليه ، ولم تكن الحسنات في كميتها وكيفيتها وافية بالتكفير ، ولا المصائب كذلك كافية ، ولهذا إما لِعظم الجناية ، وإما لضعف الممحص .
ويمحص في البرزخ بثلاثة أشياء : ـ
أحدها : بصلاة أهل الإيمان على جنازته ، واستغفارهم له ، وشفاعتهم له .
الثاني : فتنة القبر ورَوعة الفتان ، واعصره في قبره ..الخ .
الثالث : ما يُهدي إخوانه المسلمون إليه من هدايا الأعمال ، من صدقة عنه ، وحج ، وصيام .
فإن لم يفِ كل ذلك : مُحص بين يدي ربه في الموقف : بأهوال القيامة ، وشدة الموقف ، وشفاعة الشفعاء ، وعفو الله تعالى . فإن لم تفِ كل هذه الأمور : فلابد من دخول الكير .