ورد في صحيح البخاري : أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال يوماً لأصحابه : ( أي المؤمنين أعجب إليكم ؟ قالوا الملائكة ، قال : ( وما لهم لا يؤمنون وهم عند ربهم ) . قالوا : الأنبياء قال : ( ومالهم لا يؤمنون والوحي ينزل عليهم ؟ قالوا : فنحن . ( قال : ومالكم لا تؤمنون وأنا بين أظهركم ؟ ) . ( ولكن أعجب المؤمنين إيماناً قوماً يجيئون بعدكم ، يجدون صحفاً يؤمنون بما فيها ) .
ان نعمة وجود الرسول بين القوم ، يدعوهم بلغة السماء ، ويخاطبهم بكلام الله ، ويصل بينهم وبين كلام الله في الوحي ، لهي نعمة فوق التصور ، حين نتدبرها نحن الآن من بعيد .
وحين نرى هذا التراث الضخم الموثق الذي ورثناه بعد عصر النبوة ، ثم نرى هذا العدد الهائل من الأمم ، تدخل في دين الله افواجاً ، بعد أن أعملوا عقولهم وفطرتهم في حقائق الدعوة ، وهم فعلاً كأنهم يعيشوا عصر النبوة ، ويشاهدوا نزول الوحي ، لنقف مدهوشين أمام جاذبية هذا الدين ، وقربه من النفوس والعقول .