قال أحد العارفين : جمع الله تعالى لنبيه بين أعلى أنواع الغنى وأشرف أنواع الفقر ، فكمَّل له مراتب الكمال ، فكان في فقره أصبرخلق الله وأشكرهم وكذلك في غناه ، والله تعالى جعله قدوة للأغنياء والفقراء .
وأي غنى أعظم من غنى من عُرضت عليه مفاتيح كنوز الأرض وعُرض عليه ان يجعل له الصفا ذهباً ، وخُير بين أن يكون ملكاً وبين أن يكون عبداً نبياً ، فاختار أن يكون عبداً نبياً ، ومع هذا فجيبت له أموال جزيرة العرب واليمن فأنفقها كلها ولم يستأثر منها بشيء .
ونقول : فانظر لطف الله تعالى بنا جميعاً ، كم نحن بعيدين عن روح هذا المنهج الذي أنزله خبير عليم ، كيف نحن مع المال وعرض الدنيا ؟ فنحن نعيش في فتنة وقعت علينا باختيارنا نحن لأننا لا نفهم أنفسنا ، ولا ندري كيف نحقق لها فضيلة انسجام الملكات ، لقد أصبحنا غرباء عن قيم الدين ولا نفهم منه الا الرسوم وغاب عنا الكثير من ما يصلح حياتنا .