آخر الأسبوع – ٢١ نشربُها فتتركنا ملوكاً : – هذا العنوان ما قاله : الشاعر حسان بن ثابت واصفاً تأثير الخمر في نفوس عرب الجاهلية . كيف يمكن لتشريع أرضي أن يقتلع هذا الحب المتجذر في نفوسهم ؟ . لذلك لم يبدأ المنهج الإسلامي في علاج رذائل الجاهلية بالوسائل الوعظية التقليدية . بدأ المنهج الإسلامي في علاج هذه الرذائل ، بتثبيت العقيدة أولاً ، وطالت فترة تثبيتها في نفوس الصحابة حتى بلغت ثلاثة عشر عاماً في المرحلة المكية . وفي المدينة بعد الهجرة نزلت آية تحريم الخمر ، فنادى المنادي في طرقات المدينة . ( ألا إن الخمر قد حُرمت ) فلم يتوعدهم المنادي ولم يقل سنقوم بجولات تفتيشية وملاحقة المخالفين ، ولا مخبرين سريين . تروي كتب السّير ، سرعة الاستجابة ، فمن كان في فمه شئ مجها ، وأراقوا أواني الخمر ، حتى ظللت المدينة أياماً تفوح طرقاتها برائحة الخمر . ولم يقولوا كما قال الجاهلي : ( اليوم خمر وغداً أمر ) أو يقولوا : دعنا نستكمل سهرة الليلة ، حتى نتأكد غداً من صحة الخبر . كيف حصل هذا ؟ انه : الدين ، إن هذا الصنيع من مقتضيات ( لا إله إلا الله ) التي استوعبوها في المرحلة المكية . في الجانب الآخر : – صدر قانون منع الخمر في جميع أنحاء أمريكا بإجماع الكونجرس عام١٩٢٠، وتقضي بنود هذا القانون بتحريم جميع أنواع الخمور وتحريم تصنيعها سراً وجهراً هذا القانون في غاية القوة . وهذا يوحي بشدة قناعتهم بالشرور التي تصيب بلادهم من آثار تعاطي الخمور . ودلت إحصاءاتهم انه بلغ عدد المخالفين نصف مليون شخص ، وانتشرت آلاف الحانات السرية ومصانع الخمور . وكانت النتيجة أن رفع الحضر بالكلية عم ١٩٣٣م بعد أن فشل هذا المشروع الذي سخروا له كل إمكانياتهم . إن سلطان الدين الحق على النفوس ، أمر فوق قدرة التصور . وأن الاستقامة على منهج الله هي التي تؤثر في قناعات النفوس ومنطلقات المؤمن . فهذا أمر يأتي من داخل النفس ، مهما تطورت وسائل الإقناع . يقول سيد قطب : ( إنه أمر العقيدة من أساسها التي هي من صنع الله ، لا تفتح مغاليق فطرتها إلا بمفاتيح من صنع الله ، ولا تعالج أمراضها وعللها إلا بالدواء الذي يخرج من يده سبحانه ، وجعل في منهاجه وحده مفاتيح كل مغلق ، وشفاء كل داء . أبو نادر .