·عن سعيد بن مسروق قال : قدمت الكوفة على عهد بن مسعود ، فجعلوا يتعجبون من صحة أهل تلك الديار ، وحسن الوانهم ، فقال بن مسعود : وما تعجبون ، تلقون المؤمن أصح شيئاً قلباً وأمرض شيئاً جسماً وتلقون الفاجر والمنافق ، أصح شيئاً جسماً وأمرضه قلباً ، والله لو صحت أجسامكم ومرضت قلوبكم ، لكنتم أهون على الله تعالى من الجعلان .
·ابو عبيده القائد الزاهد :
قدم عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى الشام ، فتلقاه عظماء أهل تلك الديار ، وأمراء الأجناد ، فلم يرى قائد الجيوش أبو عبيدة بن الجراح ، فقال : اين أخي ؟ قالوا : من ؟ قال : أبو عبيدة .
قالوا: أتاك الآن ، فجاء على ناقة مخطومة بحبل ، أقول : ( لم يركب فرس ولا حرس ولا موكب لإظهار العظمة ) فسلم عليه وسأل عن أحواله ، وقال للناس انصرفوا : فسار معه حتى أتى منزله ، فلم يرى في بيته ، إلا سيفه ، ورمحه وترسه ! فقال له عمر : لو أتخذت متاعاً أو شيئاً فقال أبو عبيدة : يا أمير المؤمنين ، هذا سيبلغنا المقيل { يقصد تخفيف الحساب وينقلب إلى الجنة سريعاً } .
·المؤمن يشعر بطمأنينة لا يعلمها إلا الله تعالى ، لأنه لم يؤذي أحداً ، ولم يكن سبباً في ألم إنسان أو ترويعه ، ولم يكن سبباً في ابتزاز إنسان ، أو سبباً في إدخال الرعب على قلب أحد ، ولم يبني مجده على أنقاض الآخرين ، ولم يبني غناه على فقرهم ، بل خلقه : الإحسان على كل من حوله ، فأحياناً يكون بينه وبين الخطر سنتيمترات أو دقيقة : فالله ينجيه بعنايته ورعايته ، فاعتبروا يا أولي الأبصار .