– إن التكاثر شغل أهل الدنيا ، والهاهم عن الله والدار الآخرة ، حتى حضرهم الموت ولم يفيقوا من غفلتهم ولهوهم : حتى حضرهم الموت ، وزاروا المقابر.
·وجعل الغاية من كلمة زيارة المقابر ، إذاناً بأنهم غير مستوطنين ولا ومستقرين في القبور ، وأنهم فيها بمنزلة الزائر ، يحضرونها مدة ثم يرحلون ، إلى حيث الإقامة الدائمة .
·ولما كانوا في الدنيا كذلك زائرين لها غير مستقرين فيها ، ودار القرار هي الجنة أو النار ، ولم يعين نوع المتكاثر به في الدنيا ، أراد الله به الإطلاق، بحيث يشمل أسباب الدنيا من مال أو جاه ، أوبناء أو غرس ، أو علم لا يبتغي به وجه الله تعالى : كل هذا من التكاثر الملهي عن الله تعالى والدار الآخرة .
·فيوم القيامة يُفاجأ بأن تكاثره الذي شغله عن الله والدار الآخرة أصبح من أعظم الأسباب التي أدت إلى عذابه : فعُذب بتكاثره في دنياه بالهموم والأكدار ثم عُذب في البرزخ ، ثم عذب يوم القيامة .
·فشقي بسبب تكاثره في المنازل الثلاثة ، يقول من كان هذا شأنه في الدنيا إذا أنكشف عنه غطاؤه : ياليتني قدمت لحياتي ، وعملت في أموالي طاعة لله قبل وفاتي .
·( حتى إذا جاء أحدهم الموت قال : رب ارجعون * لعلي أعمل صالحاً فيما تركت * كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون ) ! هذا من فرط جهله ، وبعده عن الدين يقول : هذا الطلب الغريب ، وهذا يدل على بعده عن الفهم عن الدين وانشغاله بدنياه .