من المعلوم بالاستقراء : ان من اتبع هواه في مثل طلب الرئاسة ، والعلو ، والتعلق بالصور الجميلة ، أو جمعه للمال : يجد في أثناء ذلك من الهموم والغموم والاحزان والآلام ، وضيق الصدر ، أكبر من أن يُعبر عنه .
وربما لا يطاوعه قلبه على ترك الهوى والخلاص من النفق الذي أدخل نفسه فيه فهو في خوف وحزن ملازماً له دائماً ، فإن كان طالباً لهواه ، فهو قبل أن يدركه حزين متألم لصعوبة الحصول عليه ، فإذا أدركه ، ابتلي بالخوف من فراق وزواله .
أما أولياء الله الذين اختاروا طريق الاستقامة ، واستظلوا بمظلة المنهج : فلهم شأن آخر، فهم يعيشون الحياة الطيبة التي ورد ذكرها في كتاب الله . ( قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ ) .
من أقوال بعض العارفين :ـــ
بيان عن الصبر الجميل ـ والصفح الجميل ـ الهجر الجميل : الله تعال أمر نبيه أن يتحلى بهذه الخلال السامية : فالهجر الجميل : هجر بلا أذى ، والصفح الجميل : صفح بلا عتاب ، والصبرالجميل : صبر بلا شكوى .
قال يعقوب ـ عليه السلام ـ في محنته مع ابنه يوسف : ( إنما أشكوا بثي وحزني إلى الله ) . مع قوله : ( فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون ) : فالشكوى إلى الله لا تنافي الصبر الجميل .
ويُروى عن موسى ـ عليه السلام ـ انه كان يقول : اللهم لك الحمد ، وإليك المشتكى وأنت المستعان ، وبك المستغاث ، وعليك التكلان .
وكان عمر رضي الله عنه : يقرأ في سورة يوسف : ( انما اشكو بثي وحزني الى الله تعالى ) . ويبكي حتى يُسمع نشجية من آخر الصفوف .